mercredi 30 janvier 2013

موقع المغرب من الجغرافيا الدولية خلال القرن السادس عشر الميلادي

كتبها : زكرياء الزوادي



قبل التطرق الى الضروف العامة بمغرب القرن 16 م و التي مهدت لقيام دولة السعديين فلابد لنا من تفحص الخريطة المتوسطية

 والعالمية كذلك الشيئ اهمله المؤرخون المعاصرون فجائت كتاباتهم ضيقة الرؤية تقتصر على نزاعات القوى المحلية .
فما هي ابرز هذه القوى العالمية ؟ و ما مدى تأثيرها على المغرب كنقطة استراتيجية في البحر الابيض المتوسط و الاطلنتي ؟
على مستوى الضفة الشمالية : يلاحظ قيام حركة فكرية شاملة  كانت احدى بوادر و ارهاصات الحداثة الاوروبية  بمشروعها النقدي الكبير الذي يرفض الركون الى الماضي بل اكتسابه لتملكه بعبارة غوته على لسان فاوست تلت ذلك ثورات علمية فنية و دينية ”حيث ان الاوروبيين بدؤوا يلمسون كيف ان السبق الثقافي اصبح يتحول الى صفهم  و بدءا من نهاية العصر الوسيط لم يعد الاوروبيون ينضرون الى الاسلام بوصفه منافسا جديا في ميدان العلم و العقل ”(1)  زاد من هذا التقدم  سعي ممالك غرب المتوسط  قشتالة البرتغال  الاراغون لتقوية  قدراتها الاقتصادية و العسكرية  و التي لها مشاريع عملاقة للسيطرة على تجارة العالم  و التي في داخلها حماس متقد لخدمة مملكة الرب و محاربة المسلمين "الكفار" و التي زادتها اتقادا اقتراب الجيوش العثمانية من فيينا سنة 1529  , و التي نجحت في بعث القوالب القرسطوية من جديد. 

 .  فلنأخذ مثلا مملكة البرتغال نموذجا   التي منذ استولى ملكها يوحنا الاول على مدينة سبتة المغربية عام 1415 م  و اقطعها لولده الامير هنري الملاح المشهور بحقده الدفين للإسلام و المسلمين سيكرس هذا الاخير حياته لاكتشاف طرق بحري جديد يدور حول افريقيا للوصول الى الهند , بدات هذه الاكتشافات سنة   1418 لسواحل غرب افريقيا  وعملت على اضفاء الشرعية الدينية على عملياتها خاصة و بعد الدخول العثماني للقسطنطينية "1453 لتحصل مباشرة على مباركة البابا نيقولا الخامس بأحقية التاج البريطاني في امتلاك مدينة سبتة "(2)  و استطاعت بدعمها لعدد من الرحالة  الوصول الى اقصى نقطة في الاطلنتي الذي عرف  برأس العواصف او رأس الرجاء الصالح  و استطاع احد 
رحالاتها الكبار و هو كوفنهام   
koviham
 الوصول الى مصر ثم الى الحبشة  الارتذوكسية  حيث بلغ التغلغل البرتغالي فيها درجة الاعداد لحملة مشتركة "لتحرير القدس "(3) ؟؟؟   .
هذه الرحلات و غيرها مكنت فاسكو ديكاما من الوصول الى الهند انطلاقا من لشبونة 1497 مرورا براس الرجاء الصالح  فكينيا ثم الهند سنة 1498 . تعززت هذه الرحلة برحلة ثانية الى الهند  . 1502
سيطرت من خلاله على البحر الحمر ومنعت الملاحة و التجارة به إلا بتصريح منها ,
اضافة الى كونها استطاعت السيطرة على مضيق هرمز  و بالتالي اغلاق الحليج العربي و السيطرة عل مصايد اللؤلؤ  و تجارة الخيول الفارسية و العربية 
 بل ان المرحلة عرفت  و كما يروي الاخباريون في المشرق العربي (انضر حوليات ابن اياس  ) حد تهديد مدينة جدة 1505 و التهديد بنبش قبر الرسول عليه الصلاة و السلام  بالمدينة المنورة .  
بهذا يكون البرتغاليون قد استطاعوا قلب مسار  التجارة العالمية  و بالتالي وضع البلدان المتوسطية الجنوبية  و التي كانت تستفيد من الوساطة في موقف حرج . سيما و ان عددا من بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط تعرضت لهجومات مباغتة منذ القرن 13  و التي تزايدت في نهاية القرن  14م شرق و غرب المنطقة  … الذي تعزز بتخريب معظم موانئ المغرب فلم يعد للمغاربة قدرة على المشاركة في تجارة المتوسط عندها لجئوا  الى القرصنة "(4) 
في المقابل يمكن رصد توالي  قوة الدولة العثمانية العلية   و امتدادها في عهد  كل من سليم الاول  وسليمان القانوني  و التي امتدت على الشرق الاسلامي   و اوروبا الشرقية الى حدود فينا  ثم شريط شمال افريقيا  و بذلك تصبح منافسا قويا لمملكتي  اسبانيا و البرتغال . 
غاية ما نريد الافصاح عنه هو ان "مصير المغاربة انفلت من ايديهم  و عاد مناطا بنتائج الصراع الرئيسي انذاك الدائر في عرض المتوسط  بين الاسبان و الاتراك " و هذا  الحكم الذي اصدره عبد الله العروي  لم يكن مقتصرا على المغرب فحسب بل عدد من الشعوب التي اصبحت معلقة بين هذا التنافس 
                  
  لذلك فالصراع الرئيسي هو صراع بين هاذين المتنافسين  و ما المغرب الاقصى الا جزء من استراتيجية عامة لفرض النفوذ كل حسب مشروعه . و عليه فان البنية التقليدية  الحاكمة في المغرب حاولت الاستفادة من هذا التنافس لخدمة مصالحها .
الان لنطرح استكشافيا ماذا عن اوضاع المغرب خلال هذه الفترة ؟
عاش المغرب الاقصى بعد  فشل المشروع الوحدوي  لأبي عنان المريني  على نسق  الموحدين  . "عاشت بلاد المغرب ولمدة قرنين من الزمان فترة بئيسة من الانحطاط لم تنته الا عندما انحدر الاسبان على ابواب تونس  1574 م و البرتغاليون قرب القصر الكبير   سنة 1578 م"(5)  
تتلخص هذه الاوضاع في لتفكك السياسي لبلاد المغرب الاقصى  و بروز امارت مستقلة بنو راشد في الشاون  الهنتاتيون في مراكش … هذه التجزئة السياسية  تخلف لنا متتالية من المشاكل   مدن ليست لها القدرة على اداء المكوس بسبب كساد التجارة .     ضعف خزينة  و تسريح  الجيش .انعدام الامن . ظهور الزعامات المحلية  التي تدعي تحقيق الامن  و الاستقرار لعصبيتها .
هذه العصبيات الملتفة حول الشيوخ كانت حدثا بارزا في تاريخ مغرب ما بعد الموحدين "تزايد نفوذ الشيوخ و تحسن  حيث ضهرو بمثابة ملوك … اضطر الملوك الى ارضائهم بالعطاء و  الاقطاعات  "(6)   و يلاحظ الاستاذ احمد بوشرب ان القبائل لم تعد مرتبطة بالأرض انما بشخص يوجد على رأسها "تثور لعصيانه و تخضع لخضوعه و اكثر من ذلك تموت دفاعا عنه "(7)   بل ان القبائل اصبحت في ضل هذا الوضع تسمى بأسماء شيوخها .
وعليه يصبح المغرب مقسما الى ثلاثة مناطق : المدن المستقلة الرؤساء المحليون و الامير الشرعي 
يضاف الى هذه التقسيمات الثلاث عنصر خارجي مهم و هو الاحتلال البرتغالي للسواحل المغربي(طنجة اصيلة ازمور الجديدة اسفي ماسة… )
رد الفعل 
ارتبط رد الفعل في الداخل المغربي بعنصر الزوايا بالخصوص التي ازدهرت و قوي نفوذها في فترة المرينين اللذين كانو يفتقدون للشرعية الدينية في نسبهم  و تكمن خصوصية نضام الزاوية بالمغرب خلال هذه الفترة بتحولها من دورها التقليدي الروحي التربوي الى الدور الجهادي . فتغير بذلك مفهوم الشرف المرتبط بالمهدوية سابقا اذ "يعلن الصلحاء على المستوى الايديولوجي الديني رفضهم للشرفاء المرتبطين بالسلطان السياسي المريني  و يطرحون بشكل ضمني الشرف الذي يعتبر الناس في حاجة اليه انه الشرف المرتبط بالناس "(8)  اي التحول من منطق المتصوفة الاخذ لطابع الانعزال نحو تعبئة الناس  و احياء نفوذ المرابطين بصيغة تاريخية  . 
الهوامش : 


(1) جورافسكي الكسي , الاسلام و المسيحية , منشورات عالم المعرفة 1996, ص 83

 (2) عثمان اباضة فاروق , تحول التجارة العالمية الى رأس الرجاء الصالح على مصر و عالم المتوسط اثناء القرن 16م,, طبعة الثانية , دارالمعارف القاهرة      بدون تاريخ النشر ص 38
(3) نفسه ص 41
(4)   العروي عبد الله مجمل تاريخ المغرب. المركز الثقافي العربي الدار البيضاء طبعة 2009.  ص 431 
(5)  نفسه ص 423

 (6)  بوشرب احمد . دكالة و الاستعمار البرتغالي . دار الثقافة .الطبعة الاولي 1984 .ص 131
 (7) نفسه ص 132

  (8)  الزاهي نور الدين . بركة السلطان .دفاتر وجهة نضر 12 مطبعة النجاج الجديدة 2010 .ص 13 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire