كتبها: زكرياء الزوادي
تجدر الاشارة الى أن الفيلسوفة
النمساوية الشهيرة ميلاني كلاي
احدى تلميذات سيجموند فرويد
و
التي قامت بإدخال تعديلات على نظريات فرويد بخصوص النسق الثلاثي الشهير الذي وضعه بخصوص الاطفال .
ترى ميلاني كلاي ان الرضيع حينما يتعلق بثدي امه لا يتعلق بها لحاجات
بيولوجية غذائية فقط و انما يتعلق بثدي
امه لتصريف نوازعه التدميرية و نضرا للحرص الشديد للرضيع و تعلقه بالحياة الغريزي
و خوفه من الموت الغريزي كذلك فان هذا الرضيع يجعل من تمسكه بثدي امه تمسكا بالحياة
.
على هذا النسق الفلسفي تكمن في نضرنا بنية الامبريالية التي هي في سياقها
التاريخي نتيجة لجملة من السيرورات و التحولات البنيوية لأوروبا ما بعد الثورة
الصناعية و التي افرزت تناقضات ما سمي بأوروبا الحصان و العربة و اوروبا المحرك
البخاري . هذه التناقضات عموما التي يمكن تلخيصها بعبارة ازمة الرأسمالية و بروز الطبقات العمالية و الحركات النضالية
نتيجة التناقضات الكبيرة داخل هذه المجتمعات .
سنجعل وفق النسق السابق الذكر من اوروبا صورة الرضيع و من المستعمرات صورة
الثدي , ضمن هذه المعادلة البسيطة و
العصية في ان , لم يكن هدف
التوسعات الامبريالية في القرن 19م
ضمان الثروة فقط بل و وفق النسق المشتغل عليه و السياق التاريخي كذلك , كان هدفها
تصريف النزعات التدميرية و التي هي في الاساس مرتبطة بالتمايزات
الداخلية لهاته الدول .
لننضر الى نموذج الغزو الفرنسي للجزائر سنة 1830 م هذا الغزو كان في امكانه ان يكون غزوة عابرة
كتلك التي قام بها نابليون على مصر سنة 1798 م
بل ان هذا ما يؤكده الاستاذ عبد الله العروي حينما يرى ان الحملة
"كانت من الممكن ان تكون نسخة لحملة نابليون على مصر لولا وجود فائض من
الرجال العاطلين في جنوب فرنسا "[1]
لننضر لنموذج اخر يتمثل في الغزو الاسباني للمغرب ممثلا في احتلال الجزر
الجعفرية 1848 م ثم حرب تطوان 1859 م حيث ان هذه الغزوات تكف بدورها الرغبة
الجامحة لتصريف النوازع التدميرية اذ ان اسبانيا في النصف الثاني من القرن 19م
"فقدت كل ممتلكاتها الاستعمارية باستثناء كوبا و الفلبين ... يضاف الى ذلك
كونها تعاني من مشاكل داخلية متعددة مشكل
الاستقلالات الذاتية الرافضة للاندماج في النظام المركزي , مشكل اللغات و الثقافات المختلفة , المشاكل الدستورية الذي اعطى للمجتمع الاسباني صورة فوضوية مستمرة
و استعدادا دائما لخوض الحروب الاهلية
"[2]