vendredi 27 septembre 2013

تاريخ المغرب منذ الاستقلال لبيير فيرمورين


كتبها : زكرياء الزوادي





  هذا البحث هو  محاولة متواضعة تشمل قراءة مفصلة   للفصل  المعنون بمحمد الخامس و حزب الاستقلال      من كتاب             
تاريخ المغرب منذ الاستقلال لبيير فيرمورين  
          
           تتبلور الفكرة المركزية في هذا الجزء من كتاب تاريخ المغرب منذ الاستقلال لبيير فيرمورين  و  المعنون بمحمد الخامس و حزب الاستقلال و المؤطر بالمجال الزمني  من 2 ماي 1956 تاريخ الاستقلال الرسمي  الى فبراير  1961 تاريخ وفاة محمد الخامس .
يعالج فيها اشكلات مغرب ما بعد الاستقلال  وصراعات  القصر و حزب الاستقلال  حول السلطة  و الرؤية السياسية لكل منهما لمغرب ما بعد الاستقلال .
ما ان اعلن  الاستقلال  البلاد حتى وجد محمد الخامس  نفسه   في مواجهة حزب الاستقلال االقوي الذي ربط  وجوده بالاستقلال  كما تبين المادة  الثانية من القانون المنضم لحزب الاستقلال  لسنة 1946 التي تنص  على تحقيق  استقلال البلاد و وحدتها [1]
 و الذي كان بعض زعمائه  يجتذبهم نموذج الحزب الوحيد  على شاكلة نضام بورقيبة  في تونس .
لا ننسى كذلك السياق العام للمنطقة و المتوجه نحو القضاء على  الملكيات بدءا من النموذج المصري  1952 مع ثورة الضباط الاحرار  بقيادة نجيب و جمال عبد الناصر  و نفي الملك المصري  فاروق  . لا ننسى كذلك ان علال الفاسي  كان مقيما بالقاهرة  و متابعا للأحداث  و ان كان له رأي  معارض  في تدخل الجيش  في السلطة  كما صرح لصحيفة روزا ليوسف  .[2] اضافة الى ما حدث في تونس سنة 1957 الممثل  بإلغاء النظام الملكي و خلع الملك  محمد الامين الباي و اعلان الجمهورية . و يؤثر ان علال كان معجبا بالتجربة  التونسية مع بورقيبة  الذي جمع بين يديه  دفعة واحدة  سلطات الباي و المقيم العام دفعة واحدة  و يؤثر انه قال لبعض المسؤولين في الحزب اعاهدكم على اننا  لن نترك لمحمد الخامس سوى مهمة  تدشين المساجد وحتى المساجد سنعمل على تسيسها [3]
حيث كان يسعى الى ملكية على النمط  الانجليزي  لذلك فمشروع حزب الاستقلال  او بالأحرى مشروع حزب الاستقلال  لمغرب ما بعد  الاستقلال  كما بينه بير فيرمورين في كتابه تاريخ المغرب منذ الاستقلال  انه حاول استنهاض  البلاد باسمه  بهدف حصر السلطان  في  الوظيفة التشريفية  و "الانفراد بالسلطة بمعزل عن المخزن   و جيش الاستعمار  و اعداء الحزب  "[4]  
 
سيما و ان  للحزب قاعدة جماهيرية قوية  في جميع انحاء البلاد  فالحزب يضم حوالي حوالي مليون منخرط  [5]  بجانب احتواء الحزب على   جهاز نقابي  قوي  ممثلا في الاتحاد المغربي للشغل .
سيبدأ تغلل الحزب  في دواليب  الحكم  والسلطة  في سياق دولي  اعاد اساليب  الاستعمار القديمة  ممثلة في حرب السويس  1956  و حادث اختطاف الطائرة  التي كانت تقل بن بلة و  رفاقه حيث كانت ستتوجه الى تونس   في نفس السنة .  ففي هذه الظروف صار الحزب يستأثر  ب10 حقائب من جملة 16 حقيبة [6] في حكومة البكاي الثانية  بعد ان كان الحزب سوى 9 وزراء  في حكومة البكاي الاولى [7]
                                                                                                             بجانب  مناصب في السلطة التنفيذية  و الشرطة  و لعل هذه المرحلة  كرست تصرف  الحزب الساعي  لتفرد بالسلطة  بواسطة الاغتيالات  و اقامة  المعتقلات السرية  و  القمع و السجون السرية لمناضلي الاحزاب الاخرى و التي كان في مقدمتها حزب الشورى و الاستقلال  و بين ايدينا  رسالة موثقة  من الامير عبد الكريم الخطابي  الى زعيم الشورى و الاستقلال  يخبره فيها بقوله هل هذه حكومة ام عصابة  مسندة بقائمة  بأسماء هذه المعتقلات  و عناوينها .[8]


                                                                                              







فماذا  كان موقف  القصر من كل هذا ؟
القصر الذي يريد بدوره الاستئثار بالسلطة  رأى فيما كان ينهجه حزب الاستقلال  من سياسات التصفية  يصب في صالحه حيث كانت تخدم مصالح القصر بطريقة غير مباشرة ان صح التعبير  خاصة و ان القصر كما يرى المؤلف  كان يعرف تمردا من قبل ما يسميه  ببلاد السيبة  و الذي يريد ان يخمد هذه الثورات التي كانت مشتعلة قبل الحماية . لكن الواقع ان الثورات التي حدثت في سياق الرد على سياسة الحزب في التفرد  بالسلطة نقصد بذلك ثورة عامل تافيلالت عدي اوبه   مستغلا   زيارة  الملك محمد الخامس   بزيارة إلى إيطاليا   يناير  1957  
هذا الاخير الذي ذاق ذرعا بتصرفات حزب الاستقلال الممثلة في زرع اعضاء الحزب في مجموع مؤسسات الدولة حتى و ان غاب عنها شرط الكفاءة و الخبرة و يستشف ذلك من تصريحه للصحافة الفرنسية * انه لا يريد الخضوع الى نفوذ حزب الاستقلال الذي يستولي على الحكومة  و يرسل الينا موضفين و قضاة قليلي الثقافة و غير اكفاء *[9] 
او ثورة الريف التي جاءت في سياق تضعضعت فيه  الاوضاع الاقتصادية و التهميش الذي تعرضت له الشمال عموما .
و كخطوة استباقية  كان رد الفعل  بتأسيس مجلس للعرش  و وصاية القصر على الشرطة  و الجيش  بأطر ذوي تكوين فرنسي    يضاف الى ذلك تحالف  الاثرياء  مع القصر اللذين راكموا ثروات  في فترة الاستعمار .
 في المقابل برزت حركة التصعيد  و رفع سقف المطالب  من داخل الحزب المميزة بطابعها الردكالي  منها ما يتعلق بالإصلاح الفلاحي  و جلاء الجيش  الاجنبي  و اعادة توزيع الثروة من جهة و اخرى بطرق عملية  تجسدت في التعبئة التي قادتها الحركة الرديكالية من داخل الحزب بقيادة بن بركة للشباب المغربي المتحمس  لبناء  طريق الوحدة 1957 .
في خضم هذه التطورات برزت عملية الممسحة سنة 1958 المشتركة بين الجيش الاسباني و الفرنسي للقضاء على جيش التحرير  و التي كانت من مقررات مفاوضات ايكس ليبان  ووصفها الكاتب  بمثابة القضاء على الجهاز العسكري لحزب الاستقلال [10]  
 و التي تزامنت كذلك مع قيام دولة موريتانيا  بمعنى اخر كانت ضربة مزدوجة  حيث ان الحزب كان له تصور  عميق لخارطة المغرب
و لعل ذلك صب في مصلحة  القصر الذي كان يرى فيها تهديدا قويا عليه   . سيعمل القصر بعد ذلك من الاستفادة من الخلافات داخل الحزب  و استقطاب الجناح المحافظ  داخل  الحزب هو ما تم سنة 1958 مع حكومة بلا فريج  بينما نزع اليسار داخل  الحزب  في التوجه نحو الانفصال  في ضل اجواء مشحونة بالثورة العصيان  بالمغرب المديني  مع شخصيتي احرضان و الخطيب  في هذا السياق  عاد القصر الى احتواء اليسار داخل الحزب  بمنحه رئاسة الحكومة في دجنبر 1958 اي قبل شهر من ميلاد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي تاسس في 25  دجنبر 1959 فالى اي مدى تخلى القصر عن سلطاته لصالح  هذه الحكومة ؟
يبدو من خلال تقسيم المناصب داخل الحكومة غياب كلي  لمبدأ فصل فصل السلط حيث وضع القصر يده على القطاعات الامنية و الداخلية و الدفاع بينما اوكلت للحكومة مسؤوليات اقتصادية  و اجتماعية  و لعل ذلك اساء الى الحكومة خاصة و فقدان الحكومة للقرار الامني  و الدفاعي الذي استخدمه القصر  في قمع الانتفاضات المشروعة بطرق دموية في الريف تحديدا و الذي حدد الكاتب عدد ضحاياها ب 6000 الى 8000 قتيل
يضاف الى ذلك ضاهرة تفريخ الاحزاب باعلان عن حزب الحركة الشعبية الذي تزامن مع سنة بروز حزب القوات الشعبية اي في سنة 1959
ولعل مبدأ فصل السلط قد اعاق بشكل كبير عمل حكومة ابراهيم  فالمخططات الخماسية على النهج الاشتراكي التي طرحتها حكومة ابراهيم  1960-1964 واجهت عرقلة القصر الذي احجم عن الختم  عرقل ذلك مغادرة رؤوس الاموال من المغرب  الذي يعني اغلاق المصانع و الذي يعني اعلان الازمة  لكن و بالرغم من العراقيل التي واجهتها الحكومة الا انها قامت بسك العملة و  تأميم بنك الدولة  و العمل على جذب المشاريع الضخمة  كمركب لاسمير لتكرير النفط بالمحمدية    و استرجاع ألاف الهكتارات من الاراضي الزراعية في الميدان الفلاحي  الذي ما ان تم حتى برزت كارثة زلزال اكادير 1960 لتزيد من تازم الوضع .
 ولعل هذه السياسة الاصلاحية الاقتصادية التي قادتها حكومة ابراهيم قوبلت باستياء شديد من القصر جعل ولي العهد انذاك يفكر باسقا طها  حيث تم اعلان ما سمي بمؤامرة لاغتيال ولي العهد  و وجه الاتهام للفقيه البصري  و اليوسفي  وإدارة الحزب ترتب عنها حل الحكومة ماي 1960
 و بذلك استطاع القصر  كسر هيبة الحزب الوحيد  و كان بمثابة تمهيد ايجابي لحكم الملك الجديد  الذي اولى اهتماما  بإعادة التوازن الخارجي بعدما تربع على سلطات واسعة  في الداخل  بما يخدم مصالح المعسكر الغربي و انتهاء مرحلة ثورة الملك و الشعب كما  سماها الكاتب.





[1]  الزهيري قاسم  ازمة بعد اخرى . الطبعة الاولى 2000م الدار البيضاء ص12 
[2] الكنبوري ادريس .الملف الاسبوعي  علال الفاسي ماذا بقي منه . صحيفة المساء عدد 677/يوم 22/11/2008
[3] نفسه
[4] فيرمورين بيير  تاريخ المغرب منذ الاستقلال ص 42                                                    
[5] نفسه
[6] نفسه
[7] قاسم الزهيري ازمة بعد اخرى ص 39
[8] المهدي التجكماني  . دار بريشة .
[9] جبرو عبد اللطيف . عدي اوبهي حكاية  عصيان تافيلالت ص 40 بدون رقم و تاريخ الطبعة
[10] تاريخ المغرب منذ الاستقلال ص 49