vendredi 28 décembre 2012

تشريح الامبريالية على نسق ميلاني كلاي

كتبها: زكرياء  الزوادي


تجدر الاشارة الى أن الفيلسوفة  النمساوية الشهيرة   ميلاني كلاي احدى تلميذات سيجموند  فرويد و



التي قامت بإدخال تعديلات على نظريات فرويد  بخصوص النسق الثلاثي الشهير  الذي وضعه بخصوص الاطفال .
ترى ميلاني كلاي ان الرضيع حينما يتعلق بثدي امه لا يتعلق بها لحاجات بيولوجية غذائية فقط  و انما يتعلق بثدي امه لتصريف نوازعه التدميرية و نضرا للحرص الشديد للرضيع و تعلقه بالحياة الغريزي و خوفه من الموت الغريزي كذلك فان هذا الرضيع يجعل من تمسكه بثدي امه تمسكا بالحياة .
على هذا النسق الفلسفي تكمن في نضرنا بنية الامبريالية التي هي في سياقها التاريخي نتيجة لجملة من السيرورات و التحولات البنيوية لأوروبا ما بعد الثورة الصناعية و التي افرزت تناقضات ما سمي بأوروبا الحصان و العربة و اوروبا المحرك البخاري . هذه التناقضات عموما التي يمكن تلخيصها بعبارة ازمة الرأسمالية  و بروز الطبقات العمالية و الحركات النضالية نتيجة التناقضات الكبيرة داخل هذه المجتمعات .

سنجعل وفق النسق السابق الذكر من اوروبا صورة الرضيع و من المستعمرات صورة الثدي , ضمن هذه المعادلة البسيطة  و العصية في  ان , لم  يكن هدف  التوسعات الامبريالية في القرن  19م ضمان الثروة فقط بل و وفق النسق المشتغل عليه و السياق التاريخي كذلك , كان هدفها تصريف النزعات التدميرية و التي هي في الاساس مرتبطة بالتمايزات الداخلية لهاته الدول .
لننضر الى نموذج الغزو الفرنسي للجزائر سنة 1830 م  هذا الغزو كان في امكانه ان يكون غزوة عابرة كتلك التي قام بها نابليون على مصر سنة 1798 م   بل ان هذا ما يؤكده الاستاذ عبد الله العروي حينما يرى ان الحملة "كانت من الممكن ان تكون نسخة لحملة نابليون على مصر لولا وجود فائض من الرجال العاطلين في جنوب فرنسا "[1]
لننضر لنموذج اخر يتمثل في الغزو الاسباني للمغرب ممثلا في احتلال الجزر الجعفرية 1848 م ثم حرب تطوان 1859 م حيث ان هذه الغزوات تكف بدورها الرغبة الجامحة لتصريف النوازع التدميرية اذ ان اسبانيا في النصف الثاني من القرن 19م "فقدت كل ممتلكاتها الاستعمارية باستثناء كوبا و الفلبين ... يضاف الى ذلك كونها تعاني من مشاكل داخلية متعددة  مشكل الاستقلالات الذاتية الرافضة للاندماج في النظام المركزي  , مشكل اللغات و الثقافات المختلفة , المشاكل الدستورية  الذي اعطى للمجتمع الاسباني صورة فوضوية مستمرة و استعدادا دائما لخوض  الحروب الاهلية "[2]





[1] العروي عبد الله مجمل تاريخ المغرب. المركز الثقافي العربي الدار البيضاء طبعة 2009.  ص 532.
[2] برادة عبد الرحيم اسبانيا و المنطقة الشمالية المغربية الجزء الاول . افريقيا الشرق 2007